الدارالبيضاء … عين الحدث
كتب // كوصي خديجة مهتمة اقتصادية
أزمة خانقة دفعت إلى الإصلاح.
… أمام الأرقام المتزايدة لحالات رفض الشيكات وما ترتب عنها من تداعيات إجتماعية وإقتصادية وقضائية ، صادق مجلس الحكومة المغربي على مشروع قانون رقم 71.24 القاضي بتعديل أحكام مدونة التجارة ، وتحديدا المادة 316 المتعلقة بالشيك بدون رصيد .
الهدف من هذا التعديل ، حسب ما أعلنه وزير العدل عبد اللطيف وهبي هو إعادة الإعتبار للشيك كوسيلة أداة قانونية وفي الآن ذاته تقليل عدد المتابعات القضائية وتجنب الزج بآلاف المواطنين في السجون بسبب تعثرات مالية .
أرقام مقلقة : الشيك يفقد مصداقيته .
حسب المعطيات الرسمية الصادرة عن الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس ، فقد شهد المغرب خلال سنة 2024 تسجيل ما يفوق 972230 شيكا مرفوضا بسبب غياب او عدم كفاية الرصيد من اصل حوالي 30 مليون عملية مالية تم تنفيدها بواسطة الشيك بقيمة إجمالية بلغت 1319 مليار درهم . هذه الارقام الضخمة خلفت ،180223
شكاية قضائية ضد 76936 شخصا ، يوجد من بينهم 58770 في حالة إعتقال وهي معطيات وصفها المسؤولون بأنها كارثية وغير مستدامة وتؤكد الحاجة الملحة الى اصلاح شامل .
إصلاح شامل : من العقوبة الى التسوية .
يمثل مشروع القانون 71.24 نقطة تحول في التعامل مع الشيك بدون رصيد حيث انتقل من منطق الزجر الى منطق الإصلاح ، وذلك من خلال الاجراءات التالية :
– إشعار الساحب من طرف النيابة العامة بضرورة تسوية وضعية الشيك داخل آجال 30 يوما ، قابلة للتمديد بإتفاق الطرفين .
– – تخفيض الغرامة من 25 •/• الى 2 •/• فقط من قيمة الشيك في حال التسوية .
– – فتح باب المصالحة بين الطرفين في جميع مراحل المسطرة بما في ذلك بعد صدور الحكم .
– – إستبعادالمتابعة القضائية في حالات الشيكات الناتجة عن نزاعات عائلية ( بين الازواج او الأصول والفروع ) .
– – إستبدال العقوبات السجنية بإجراءات مراقبة قضائية عن غياب تهديد للنظام العام .
– أهداف الإصلاح.
– ترمي الحكومة من خلال هذا التعديل إلى تحقيق مايلي :
– – تخفيف الضغط على المحاكم التجارية والزجرية .
– – تقليص عدد السجناء في قضايا الشيكات ، خصوصا في حالات التعثر الإقتصادي .
– – تشجيع التسوية الودية وحل النزاعات بطرق بديلة .
– – إسترجاع ثقة الفاعلين الإقتصاديين في الشيك كأداة قانونية وآمنة .
– تحديات التطبيق :
– رغم الاهداف النبيلة لهذا المشروع يبقى تنفيده الفعلي مرهونا بعدة عوامل ابرزها :
– – مدى قدرة النيابة العامة على تتبع وتفعيل آلية الاشعار والتسوية .
– – تعاون القطاع البنكي في تقديم المعلومات وإشعارات التغطية .
– – تعميم ثقافة الوقاية القانونية لدى التجار والمقاولين الصغار لتفادي إستخدام الشيكات كضمان بدل كونها وسيلة وفاء .
– الخلاصة:
– يعكس هذا الاصلاح تحول حقيقيا في فلسفة العدالة الزجرية في المغرب ، حيث يراد له ان يكون إنصافا وفعالية يراعي الوضعيات الإجتماعية والإقتصادية دون المساس بحقوق المتعاملين، لكن نجاحه يتوقف على التنزيل السليم على أرض الواقع وعلى إنخراط فعلي من قبل المتدخلين : القضاء ، البنوك ، المتعاملين والإعلام .
–
